عبدالعزيز سلامة يكتب: غريبة بين أهلها   – كتاب الرأي

عبدالعزيز سلامة يكتب: غريبة بين أهلها   – كتاب الرأي

اخبار مصر

تخرج صديق قديم لى فى كلية اللغة العربية منذ نحو عامين، وأظنه محباً للغة يسعى إلى الحفاظ عليها، أرسل لى منذ فترة وجيزة دعوة على تطبيق الرسائل «فيس بوك ماسنجر» يدعونى فيها للانضمام إلى مجموعته التى أنشأها حديثاً بعنوان «جروب محبى اللغة العربية» فلم أمانع، بل أعجبتنى هذه المبادرة التى تهدف إلى جمع أكبر قدر ممكن من هواة اللغة العربية فى مجموعة عامة، ينشر عليها الأعضاءُ ما يفيض به منطقهم، وتنتجه عقولهم من آداب اللغة وطرائفها وإعراباتها، وبلاغتها ونحوها وصرفها، فقبِلتُ الدعوة وشمّرتُ عن ساعدىّ لأكون عضواً نشطاً بها.

لكن كان لى مأخذ بسيط على اسم المجموعة، تفكرت فيه ملياً ثم قررت أن أناقش فيه صديقى ذلك فربما لم يلاحظه، فقلت له: من الأجدر أن تحذف كلمة «جروب» من اسم المجموعة؛ لأنك تتحدث عن اللغة العربية وتسعى إلى الحفاظ عليها وهذه الكلمة ليست عربية. أو أن يستبدلها حتى بكلمة «مجموعة» على الأقل.. ولكن هنا كانت المفاجأة!!.

فقد استكبر واستنكر، وأبى إلا العناد والعجرفة، وبدلاً من أن يأخذ قولتى مأخذ الجد ويعدلها، أو يوضح لى وجهة نظره ثم يفعل ما يحلو له، قال لى: «أصبحت الآن مصححاً لغوياً! هناك شىء فى اللغة العربية أظن أنك لم تسمع به من قبل، وهو إدخال بعض الألفاظ الأجنبية إلى اللغة ثم يعطى لها معنى فى العربية، وهذا هو التعريب، وقد عُرف من قبل الإسلام، فقد نُقلت بعض ألفاظ البلدان غير العربية مثل الحبشة، والروم، والفرس، إلى العربية، وصبغت بالصبغة العربية. فأنصحك أن تتأكد من معلومتك، وعدل على نفسك أولاً قبل أن تعدل على غيرك. (بتصرف يسير وتصحيح لبعض الأخطاء الإملائية واللغوية).

هنا تعجبت أشد العجب ثم ضربت كفاً على كف، وقلت فى نفسى لم هذا الرد المشين؟ فأنا لم أفعل شيئاً إلا أنى أردت أن ألفت نظره إلى شىء ربما لم يلحظه، واكتشفت أنه ربما لا يعرف من اللغة إلا اسمها، وبمنطقه ذلك سيهدم العربية بدل أن يحافظ عليها، حتى وإن قصد عكس ذلك، فهذا فقط فى عنوان المجموعة، فما بالك بما سيأتى فى منشوراتها.

المهم أنى عذرته، وحاولت أن أوضح له رؤيتى ووجهة نظرى، فقلت له فى رسالة طويلة لطيفة: «أَما وقد «هبدت» بما لا تعلم فأقول لك إن كلامك مردود من عدة أوجه: أولاً: من يقول لنا إن هذه الكلمة أو تلك معرّبة أو مُدخلة فى اللغة العربية ليس أنا وأنت، بل مجمع اللغة العربية المنوط به القيام بهذا الأمر.

ثانياً: التعريب لا يكون إلا فى ألفاظ قليلة جداً ليس لها بديل فى لغتنا، وأظن أنه لا يخفى عليك أن لفظة «جروب» لها ترجمة معروفة وهى كلمة «مجموعة» فما الداعى إذاً لإقحامها فى اللغة العربية!؟

ثالثاً: أنا أتعجب من فعلك ذاك، فكيف تدّعى أنك تريد جمع محبى اللغة العربية وكأنك تريد بذلك الحفاظ عليها، ثم تستخدم ألفاظاً ليست عربية، وهذا فيه ما فيه من تغريب لألفاظ اللغة الفصيحة وجعل انتشارها بين الناس قليلاً وشاذاً، ويؤدى كذلك إلى اعتياد الناس على الألفاظ الأعجمية ويتناسون مصطلحات لغتهم شيئاً فشيئا. ثم قل لى: لماذا غيرت اسمك الذى كان مكتوباً بحروف عربية قد جمّلها الله بأن جعل قرآنه يُكتب بها، وها أنت تعرض عنها مستخدماً أحرفاً أعجمية!!. وفى الختام أقول لك: هل قصّرت كلمة «مجموعة» معك حتى تستعيض عنها بكلمة «جروب»؟، وهل قصرت أحرف اللغة العربية الجميلة فى شىء حتى تحيد عنها إلى استخدام الأحرف اللاتينية؟

مكثت رسالتى تلك عنده أياماً وأياماً، علّه يجد جواباً عليها، لكنه لم يجد الرد المقنع المقرع، فما كان منه إلا أن سب وشتم، وادعى واتهم، وقال: بأنى تافه أبحث عن التفاهات لأعلق عليها، وأنى لا أفهم فى التعريب شيئاً، بل قمت بالبحث على الإنترنت لكى أجد لكلامه جواباً، وأنى تطفلت عليه بهذه اللفتة (التى ما قصدت بها إلا الخير)، هذا وغيره كلام حقير كثير أُعرض عن ذكره.

ففكرت ملياً وقلت فى نفسى مثل هذا الشخص لا يستحق الرد عليه، ومن الأفضل لى أن أتجاهل رسالته المشينة تلك، لكنى آثرت أن أقول له فى إيجاز: غفر الله لك وسامحك على تلك الألفاظ الدنيئة المشينة التى لا تخرج إلا من سفهاء الناس وأقلهم عقولاً، وأدناهم قدراً، وأبغضهم منطقاً. ولن أرد عليك بشىء مما اتهمتنى ورميتنى به، ولن أجارى مقالتك الهشة بشىء من مقالى، لأن عقلك لا يقوى على استيعاب ذلك، ولا يرقى إلى الانفتاح والفهم ومقارعة الحجة بالحجة، لا بالرمى والبهتان.. والسلام.

وفى الختام أقول: حقاً إن اللغة أصبحت غريبة بين أهلها، بل بين المتخصصين فيها والمحبين لها.



اقرا من المصدر

#عبدالعزيز #سلامة #يكتب #غريبة #بين #أهلها #كتاب #الرأي

اخبار مصر لحظة بلحظة

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *