اخبار مصر
07:33 م
الإثنين 14 أبريل 2025
كتبت- سهر عبد الرحيم:
لم تكتفِ إسرائيل بمنع إدخال المساعدات الإنسانية والمواد الطبية والمعدات اللازمة لتشغيل المستشفيات مثل الوقود إلى قطاع غزة، بل تشن حربًا ممنهجة على المنظومة الصحية في القطاع منذ بدء الإبادة الجماعية في أكتوبر 2023، مستهدفة المستشفيات التي لا تعالج المرضى فقط بل تؤوي آلاف النازحين الفارين إليها باعتبارها “ملاذ آمن”، وفقًا للقانون الدولي.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف المستشفيات والمراكز الطبية المختلفة في غزة، والتي كان آخرها المستشفى الأهلي المعمداني شمالي القطاع، بهدف الضغط على حركة حماس لإجبارها على الاستسلام لشروطه والقبول بالمقترح الذي طرحته تل أبيب بشأن اتفاق تبادل الأسرى.
المستشفى المعمداني
استهدفت طائرات حربية إسرائيلية، فجر أمس الأحد، مبنى الاستقبال والطوارئ وقسم العمليات الجراحية ومحطة توليد الأكسجين الطبي، كما تضررت أقسام منها المختبر، والصيدلية وقسم الأشعة بنسب متفاوتة في مستشفى الأهلي المعمداني شمالي غزة، ما أسفر عن “خروج المستشفى عن الخدمة بالكامل”. وعقب القصف، تم نقل غالبية المرضى إلى مستشفيات أخرى.
وزعمت إسرائيل أن المبنى الذي استهدفته، فجر الأحد، كان مركز قيادة وتحكم تستخدمه حركة حماس لتنفيذ الهجمات ضدها، الإدعاء الذي نفته الحركة، قائلة: “زعم استخدامنا للمستشفى عسكريًا تكرار مفضوح لأكاذيب الاحتلال، الذي يواصل الفاشية ويستهتر بكل القوانين والأعراف الإنسانية وينتهك حرمة المستشفيات، سلوك الاحتلال الوحشي استخفاف وقح بالرأي العام العالمي وبمنظومة القيم والقوانين وأدوات العدالة الدولية”.
ويُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض لها المستشفى المعمداني لهجمات إسرائيلية، ففي 17 أكتوبر 2023، استهدفت الطائرات الإسرائيلية المستشفى “بهجوم دام”، اُستشهد أكثر من 500 شخصًا وأُصيب على إثره المئات، وحينها، رفض الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، الذي كان يزور إسرائيل لأول مرة بعد هجوم الـ7 من أكتوبر، تحميل الاحتلال مسؤولية الهجوم.
ومن جانبها، نفت إسرائيل مسؤوليتها عن الحادث المروع، وحملت حركة “الجهاد الإسلامي” المسؤولية، زاعمة أن صاروخًا أطلقته الحركة كان سببًا في الحادثة، ولإثبات روايتها الكاذبة، اعتقل جيش الاحتلال بعد أشهر عناصر من الحركة ونشر لهم مقاطع فيديو قالوا فيها إن الحادث نتيجة الصاروخ، فيما نفت الحركة مرارًا تلك الروايات، وأكدت أن الاحتلال من ارتكب المجزرة، وأن الاعترافات جاءت تحت التعذيب للمعتقلين.
وكان المعمداني دائمًا هدفًا إسرائيليًا في الحرب التي شنتها على غزة، ففي ديسمبر 2023 اقتحمت قوات برية إسرائيلية المستشفى، بعدما وصلت إليه من حيي الزيتون والشجاعية، ومناطق أخرى قريبة، وقامت باعتقال عددًا من الأطباء والممرضين والجرحى والمرضى والمرافقين لهم، من داخله.
مشاهد توثق قصف الاحتلال لمستشفى المعمداني بمدينة غزة وهو المستشفى الوحيد في شمال القطاع .. جريمة وراء جريمة يرتكبها الاحتلال المجرم pic.twitter.com/sUVuLsVqdi
— Tamer Almisshal | تامر المسحال (@TamerMisshal) April 13, 2025
وعقب هاتين الحادثتين، بقى المعمداني خارج الخدمة لأشهر، قبل أن تقوم منظمة الصحة العالمية بتزويده ببعض المعدات اللازمة لتشغيله، ليصبح المشفى الوحيد في مدينة غزة وشمال القطاع الذي يعمل بشكل شبه كامل، بعدما تعرضت مستشفيات أخرى بمناطق مختلفة من القطاع للقصف والتدمير وللاقتحام ما أخرجها عن الخدمة.
مجمع الشفاء الطبي
قبل نحو ثلاثة أسابيع من استهداف المستشفى المعمداني، قصف الاحتلال غرفة طبية داخل مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، في 23 مارس الماضي، ما أسفر عن اغتيال إسماعيل برهوم، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، الذي كان يتلقى العلاج نتيجة إصابته بجروح بالغة إثر قصف طاله قبل أيام من تلك الغارة.
واقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي، في ديسمبر 2024، مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة، وأحرق مرافقه وأجبر الطواقم الطبية والمرضى في المستشفى على خلع ملابسهم في البرد الشديد، ثم اقتادهم إلى جهة مجهولة، مبررًا ارتكابه هذه الجريمة بأن المستشفى يعتبر بمثابة مركز لحركة حماس استخدمه عناصر المقاومة في الحرب. الإدعاء الذي نفته حماس
وفي 29 مايو 2024، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أنها أخلت مستشفى القدس الميداني التابع لها من منطقة مواصي رفح إلى منطقة مواصي خان يونس جنوبي غزة، قائلة إن الإخلاء جاء بعد ازدياد حجم تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بقصف المستشفى، واستمرار القصف المدفعي والجوي في محيطه وإخلاء المنطقة المحيطة به من السكان تمامًا.
ورغم الدمار الذي لحق بالمستشفى خلال الحرب ومنع الاحتلال الطواقم الطبية والإمدادات من الدخول، مما أدى إلى توقفه عن العمل بشكل كامل، تمكن الهلال الأحمر في 20 مارس الماضي، من إعادة تشغيل مستشفى القدس في حي تل الهوى بمدينة غزة، وبدء استقبال المرضى.
وتسببت السياسة الإسرائيلية الممنهجة باستهداف المراكز الصحية، في خروج معظم المستشفيات القادرة على التعامل مع حالات الطوارئ عن الخدمة، وبات ما تبقى منها يعمل بكفاءة جزئية، في مناطق مدينة غزة وشمال القطاع، التي يقطنها حاليًا بعد عودة النازحين ما لا يقل عن مليون فلسطيني.
كما استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية العديد من المستشفيات الخاصة، مثل مستشفى الحلو الدولي، ومستشفى أصدقاء المريض ومجمع الصحابة الطبي، ما تسبب في إلحاق الأضرار بها فضلًا عن اقتحامها مرات عدة، وتتركز الخدمات التي تقدمها تلك المستشفيات في استقبال النساء الحوامل والمواليد والأطفال بشكل عام، أي أنها غير مجهزة من حيث الطواقم الطبية والإمكانات، في استقبال أي إصابات جراء القصف الإسرائيلي.
وفي منطقة شمال قطاع غزة، يعمل مستشفى العودة الخاص ومستشفى الإندونيسي الحكومي “بشكل محدود جدًا” نتيجة القصف الإسرائيلي المتكرر. بينما مازالت تعمل مستشفى شهداء الأقصى، والعودة في منطقتي دير البلح والنصيرات وسط القطاع، ومجمع ناصر الطبي، ومستشفى غزة الأوروبي في مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
وتقدم مستشفيات الهلال الأحمر، والكويتي، والإماراتي، والقطري، والأمريكي خدمات محدودة للغاية في استقبال المرضى والجرحى في منطقة المواصي غرب قطاع غزة.
ومن جانبها، أكدت وزارة الصحة في قطاع غزة، أنه نتيجة الغارات الإسرائيلية المتكررة، أصبح ما تبقى من مستشفيات في القطاع غير مكتمل الخدمات، ولا يمكن أن يقدم الخدمات الطبية والجراحية المطلوبة، إذ بات نحو مليون فلسطيني في مدينة غزة وشمالها بدون خدمات حقيقية تتعلق بالإسعاف والطوارئ.
وبذلك وفي أعقاب قصف المستشفى المعمداني شمالي غزة، يكون جيش الاحتلال الإسرائيلي قد استهدف فعليًا منذ أكتوبر 2023 خلال حرب غزة، 36 مستشفى ومركزًا طبيًا، وأُعيد بعضها للعمل بشكل جزئي بعد تأهيلها وتشغيلها من منظمات دولية.
اقرا من المصدر
#من #ملاذ #آمن #لهدف #عسكري. #كيف #استهدفت #إسرائيل #المنظومة #الصحية
اخبار مصر لحظة بلحظة