اخبار مصر
واحدة من العلاقات المميزة التي شهدها الوسط الثقافي المصري عبر تاريخه المديد، فقد كانت الزوجة التي تحل ذكرى وفاتها اليوم، إحدى أهم الشخصيات النسائية في مصر، وشغلت مناصل سياسية واجتماعية مهمة، أما الزوج فقد كان أحد العلماء والمفكرين البارزين وله إسهامات فكرية وثقافية واسعة، وأحد الأساتذة الكبار الذين قادوا عصر التنوير وتركوا بصمات قوية في تشكيل فكر ووجدان المجتمع.
العلاقة بين الدكتورة عائشة عبد الرحمن وزوجها أمين الخولي قامت على الاحترام المتبادل والتفاهم العميق، وتركا بمواقفهما الفكرية والأدبية بصمة كبيرة في الأدب والفكر وقضايا المرأة، وكان بينهما ألفة وتجاوبا نفسيا وعقليا وروحيا وهذا فوق الحساب وأنجبت منه ابنة في عام 1944.
وفي لقاء نادر مع فاروق شوشة، عبر التلفزيون المصري، حكت «عبد الرحمن» ذكرى اللقاء الأول بأستاذها في كلية الأداب الذي أصبح فيما بعد زوجها ورفيق دربها الذي ترك أثرا لا يمحى في صياغة صياغة فكرها ووجدانها.
أول لقاء في كلية الأداب
ففي كلية الأداب، كان الطلاب يدرسون في كل الأقسام بالسنة الدراسية الأولى، قبل بداية التخصص في السنة الثانية، وكانت بنت الشاطئ تسمع عن الخولي في كلية الآداب ما يرهب، أما هي فقد سبق لها تحصيل العلوم قبل الالتحاق بالجامعة، لذا فقد شعرت ببعض الطمأنينة، وفي هذا تقول: «كنت أحضر بعض الدروس وأسمع عنه وأحس بجاذبية شديدة جدا لكنني كنت أهابه، وكان ما بيننا بعيدا كل البعد، وفي السنة الدراسية الثانية التحقت بالامتياز بسبب تفوقي وبدأت أتشامخ وأتعاظم بمعرفتي، ووعرض أمين الخولي المنهج على تلاميذه ليختار الطالب ما يشاء من دروس لمناقشته في الموعد الذي يراه مناسبا».
عرض مادة في علوم القرآن وسأل عن الطالب الذي سيكون الأول بين زملائه في المناقشة، موضحةً: «بكل الغرور والتعالي بما حصلت عليه من العلم، قلت الأسبوع الآتي، وطلب مني الحصول على فرصة 3 أسابيع للمذاكرة، فقلت إن لديّ كتاب علوم البرهان في علوم القرآن للزركشي والإتقان في علوم القرآن للسيوطي والمادة متوفرة، فنظر لي كما ينظر لطالبة أمية».
تعثر في أول مناقشة
وفي الموعد المحدد، صعدت إلى المنصة لمناقشته، وبدأت بكلمة «أرى»، فرفض هذه الكلمة لأن علوم القرآن لا مجال فيها للرأي، فاهتزت، وأجابته بأنها تقول ذلك «كمدخل»، لكنه طلب منها الدخول في صلب الموضوع دون مقدمات.
قالت إنها أخذت برأي الكثرة، فرفض إجابتها، معللا ذلك بأن الكثرة لا يشترط بالضرورة أن تكون على صواب: «ما من كلمة قلتها إلا وناقشني فيها فبكيت كما لم أبكِ من قبل، فوجدت أني في حاجة إلى إعادة تكويني العقلي، حيث كان يخشى أن تكون الصحافة جارت عليه، ففي السنة الأولى من الدراسة كانت تكتب في الصفحة الأولى من الأهرام».
لماذا كان يقسو عليها؟
ولما رأته يشتد عليها كما لم يشتد على أي زميل آخر، سألته عن ذلك، قال لها «لأنك تخدعين جيلا يظن أن في استطاعته أن يصل إلى مرتبة العلماء، ولابد أن تؤخذي بأكثر شدة»، فقد كان مذهب الخولي يتلخص في عبارة «تخريج طالب قوي خير من تخريج ألف من الطلاب الضعفاء»، وأن الطالب إضافة إلى أستاذه وليس امتدادا أو تكرارا له.
واستمرت في الدراسة والتعلم على يديه، وصحبته على طول الطريق وهو يعيد تكوينها العقلي لتستكمل ما نقصها، وكان عندها العلم رواية، وحاول أن يعطيها العلم دراية، وصحح منهجها فقد أخذت العلم رواية وجاءته بها، فقلبه ونظمه ونسقه.
ولما بدأت الدراسات العليا، تعجلت الدراسة في التخصص بالدراسة القرآنية، فرفض وقال «حتى تصح عربيتك»، وفي سنة الامتياز كانت تدرس مع طالبين أخرين، وكان السؤال «هل تعرف كيف تقرأ؟»، ورغم أنها كانت في السنة الثالثة امتياز قسم اللغة العربية، ورغم ذلك سُئلت مثل هذا السؤال، ما جعلها تقول في حوارها إلى اليوم «أتعلم كيف أقرأ؟».
وعن تأثيره العلمي العميق عليها، قالت: «كلما خانني الجد والدقة المنهجية في أي كلمة تكتب أو تعلم وجدها أمامي كأنه يلوم ويشتد ويقسو في هذا، وعمل على إعادة تركيب عقلها وفقا للمنهج العلمي».
حوار مع التلفزيون الأردني
وفي حوار مع الإعلامية راوية راشد، عبر التلفزيون الأردني، وصفت تتلمذها على يده، بأنه كان لقاءً عقليا لدرجة لا تتصور وكان يقسو عليها: «في مرة أداني صفر»، ورغم ذلك فإنها أدركت منذ الأسابيع الأولى أنها لا تستغني لحظة عن كلمة مما يقول، فجعلها تحب الجامعة وأقبلت على جميع الأساتذة وانتفعت بهم مثل مصطفى عبد الرازق وطه حسين، ورغم ذلك فإنها لم تتخلَ عن قديمها ودراستها الإسلامية القديمة.
أحست حين التقته أنها كانت في الطريق إليه: «فمن الصعب أن نجد في هذه الجامعة شخصية بهذه الأصالة فقد احتفظ بزيه ولم يتنكر له وكان يجيد الألمانية كأهلها ويجيد الإيطالية أحسن من أهلها ولم يتشدق بها».
اقرا من المصدر
#في #ذكرى #وفاتها #اليوم. #كيف #تحدثت #عائشة #عبد #الرحمن #عن #زوجها #أمين #الخولي #أخبار #مصر
اخبار مصر لحظة بلحظة