اخبار مصر
مشهد نهارى، صورة من بعيد لمدرسة عادية، وبخاصية الـ«زوم إن» تظهر مشاجرة داخل فصل مدرسى بين ولىّ أمر وروبوت اصطناعى، يصرخ الأب «فين المدير اللى هنا؟»، ويرد عليه الروبوت: «احترم نفسك، أنا مدرس قد الدنيا واللى عندك اعمله»، فيما تتدخل روبوتات الفصول الأخرى فى محاولة لتهدئة الأب الغاضب ولمنع تهشيم صاحبهم الروبوت أيضاً، وفى اليوم التالى يخرج وزير التربية والتعليم ليؤكد «احترام الروبوت من احترام الوزارة». لو كان السيناريست رأفت الميهى حياً الآن لرسم هذا المشهد بطريقته الساخرة ليؤكد أن برامج الذكاء الاصطناعى لن تقدر على المصريين، ويؤكد فى نفس الوقت أن هكذا سيكون المستقبل كما فعل فى أفلام مثل «السادة الرجال» الذى تحقق الكثير منه فى الوقت الحالى.
لكن «الميهى» قد رحل، وفرصة التنبؤ نفسها لم تعد موجودة، إذ أصبح ذلك حقيقة واقعة أعلنت عنها الإمارات منذ أيام، حين أوضحت أن هناك منصات تعليمية مثل «Alef Education» و«Al Mawrid» ستتم إدارتها بالذكاء الاصطناعى ومن خلال «معلم ذكى»، داعية الطلاب إلى التسجيل والتجربة المجانية التى معها ينسدل الستار على المفهوم التقليدى للتعليم. وبحسب التجربة الإماراتية، فإن «معلم الذكاء الاصطناعى» يخضع لتحليل شامل بواسطة الخوارزميات، ليكون مؤهلاً لمعرفة نقاط الضعف والقوة لدى الطلاب، وكيفية تطويرهم وتلبية تطلعاتهم ومتطلباتهم، إضافة إلى ميزة إتاحة «المعلم الذكى» طوال الأسبوع وفى أى ساعة لمساعدة الطلاب وقتما يحتاجون، كما تتيح تلك الميزة ترتيب الجلسات للطلاب فى الوقت الذى يحتاجونه ومن أى مكان فى العالم. وبحسب تقنية البرمجة سيتم اكتشاف أى نقاط ضعف على الفور وتوجيه توصيات محددة لمعالجة أوجه هذا القصور.. ووفقاً لتصريحات المسئولين عن هذه المنصات فى الإمارات، فإن المعلم الذكى لديه قدرة على فهم المشاعر الإنسانية أيضاً، وأكدت التجارب ذلك فى مجالات مثل العلوم والهندسة والرياضيات، أما المتلقى ففى حالة حاجته لأى شىء فيمكنه طلب ذلك، وحينها سيتواصل معه مدرس بشرى من المشرفين على المنصة التى تهدف فى النهاية إلى مستوى جديد من الابتكار فتعفيهم من مصروفات الدروس الخصوصية الباهظة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تعوّض المدرسين بإشراكهم فى هذه العملية من خلال الإشراف.
بالطبع بعد تلك التجربة الإماراتية، لن يتبادر إلى ذهن القارئ، سوى سؤال واحد: لماذا لا تُطبَّق تلك التجربة فى مصر؟، خاصة أن الدروس الخصوصية صارت تجسّد العبء الأكبر على كاهل الأسرة المصرية، ووصل حجمها فى 2018 إلى 10 مليارات جنيه، بجانب الفوائد المالية التى يُمكن أن توفّرها هذه المنصات، فإن الدروس الخصوصية نفسها صارت فى أوقات كثيرة غير مجدية لأنها تعتمد على الحفظ والتلقين دون التركيز على التفكير النقدى أو الفهم العميق، عكس المنصات التى تقدم أساليب تفاعلية تجعل التعلّم أكثر جذباً، بجانب استخدام مقاطع الفيديو والألعاب لتوصيل المعلومات ولجعل عملية التعلّم ممتعة وفعالة فى نفس الوقت، ومن ناحية أخرى فهى تتيح للمعلمين متابعة أداء طلابهم بسهولة، وتقديم دعم إضافى إذا لزم الأمر.
لكن لتطبيق ذلك فى مصر، يجب أولاً اتخاذ عدّة إجراءات لتصبح النتيجة مثمرة، وأول هذه الإجراءات تطوير منصات تعليمية تعتمد على الذكاء الاصطناعى، وتتماشى مع المناهج المصرية واحتياجات الطلاب، وهذا بدوره يتطلب تعاوناً بين وزارة التربية والتعليم والقطاع التكنولوجى، كما يجب أن يتم توفير الدعم اللازم للمعلمين، من أجل تدريبهم على استخدام هذه المنصات بأكبر فاعلية ممكنة، وفى حالة حدوث ذلك، يمكن أخيراً الوصول إلى حل حاسم للدروس الخصوصية بتوفير تعليم لكل طالب دون اللجوء إلى الأعباء المالية الضخمة.
اقرا من المصدر
#محمد #مغربي #يكتب. #وداعا #للدروس #الخصوصية #كتاب #الرأي
اخبار مصر لحظة بلحظة